الأربعاء، 4 سبتمبر 2013

هجرة الى داخل المكان

كي تبدأ قصة جديدة في رحلة سفرك المعتادة لا تحتاج الى شيء سوى انتزاع نفسك من نفسك كما حاولت وفشلت لأكثر من اشهر. الاستسلام لفكرة اننا نحيا جميلة لكنها باهتة بنفس الدرجة التي تصبغ فيها ارواحنا.

 كل يوم أذهب الى فيديوهات فيروز أنتقي الأغنيات التي تعجبني أسمعها ،اتصفح جريدة الأخبار ،ألعن الاستعمار ،أدور وأدور بين أكوام المقالات والأفكار هنا وهناك ولا أشعر أنني قد تغيرت ما زلت أنا ومازالت الافكار تدور في نفس الفلك اعود للخريطة اتصفحها وأصارع  فوضى المذكرات والتاريخ أقوال القوميين والشيوعيين والإسلاميين.

هذه النهايات في البداية تبدأ على وقع صوت المطر وتحسس أسطح الظواهر والابتسامات والنفاق الاجتماعي الذي فاق حد الاحتمال ،اذا انت يائس وما أجمل اليأس ،ويقولن أن افلام (حين ميسرة الفرح ودكان شحاتة) نوع من الابتذال البعيدة عن الواقع ، واقعنا مبتذل أكثر من أي مشهد في هذه الافلام الفرق الوحيد أن الواقع نخرجه نحن الى النور و الابتذال يكون لطيف على إدراكنا فلا نراه الابتذال الذي صار سلعه ثمينة . ان الابتذال الذي اتحدث عنه هو ما يجعل المبررات أكبر بكثير من الافعال نفسها ،هو العجز الذي يجعل الضعيف أضعف والقوي أقوى والممثل اكثر براعة في التمثيل.

هل سبق لك وان لعبت دور حياتي غير مكلف ؟.طبعا لا .تجتثك الحيرة انت وحدك عندما تصرخ فتخسر،تسكت فتخسر ،تصبر فتخسر.

دور الخاسر ليس جميل وأشك أن أي احد يحبه لكن عملتنا النظريات والكتب والطلعات الكلامية لأصحاب الرواتب المرتفعة والدخل غير المحدود والطامحين بشقة الأحلام في مدينة الحب والإخاء روابي أن كل خاسر هو فاشل.

نعم أنا أحد  الخاسرين الفاشلين هؤلاء ،استيقظ كل صباح لاستقبال دوامة من الفراغ أصغر ما فيها وجع يومي من محيط ينضح بكل ما هو انتهازي فساد مستعمر،أنظر من نافذة غرفتنا المطلة على الشارع الرئيسي اتأمل المشهد بائع الخبر وبائع الحلويات والسيارات والضجة والضحكات وأنواع السيارات .أعيد الكرة .في كل مرة اقرر فيها اغلاق باب منزلنا الرئيسي والذهاب لزيارة أحدهم أو لمجرد السير في الشارع اسأل نفسي هل فعلا (نعيش في فلسطين)اتساءل في أعماقي.

القمع ،الكبت ،القهر ،الوجع ،الفقر بصراحة في بلدتي الصغيرة لا ارى سوى قشور هذه الاشياء فخلال تجوالي البسيط  أرى أرقى السيارات واغلى ماركات الملابس ولا يبتاعون من السوبر ماركت سوى بوظة (شتراوس الاسرائيلية)غريب جدا أن تقنعني أنني أعيش احتلالين بين هذه الشريحة من البشر ،اتفاجأ في كل مناسبة أو حفلة عابرة  احضرها في مدينتا أن هؤلاء يعيشون في فلسطين!!.

تصر فكرة أنني أعيش في منطقة خضراء على أخذ الحيز المناسب في رأسي. أقاومها لكن فعلا أنا في بلدتي أعيش في منطقة خضراء عفنة تنضح بكل ما هو انتهازي فاسد قمعي وغير منطقي من اول تعريفنا لواجبتنا وحتى نهاية تعريفنا لحقوقنا .

 انا اعيش في منطقة تتعايش منذ سنين مع اكبر التجمعات الاستيطانية (أرائيل).انا اعيش في بلدة تروج للمنتجات الاسرائيلية بكل وقاحة ،أنا أعيش داخل حيز مكاني لا يعرف معنى ان تتصالح مع الموت  اعيش في حيز مكاني لا يحتج فيه ولا يقاوم فيه  ويرفع شعار (سلامة راسي) وفعلا نجح بان يستلم وتصبح منطقة امنة ،انا اعيش في منطقة كل العلاقات فيها قائمة على المنفعة والواسطة والمحسوبية .

هذا ليس احجاف بحق المكان امارسه عليه من أجل التنظير والمزاودة ولكن لأنها منطقة خضراء تزحف نحو مدنية زائفة وترف مدني يجعل من الاستعمار واقع صلب لا يمكن نفيه او مقاومته ،إنها احدى البلدات الفلسطينية الكثيرة السائرة على خطى ما يريده لها باتريوس فحدث ولا حرج عن اشكال مكافحة التمرد التي عصفت ببلدتي منذ عام 1976 حتى يومنا هذا.

سمر عزريل 
1/ 9/ 2013